رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

”أسامه عبد الماجد” يكتب: 10 ملاحظات في مفاوضة حميدتي

الكاتب: أسامه عبد الماجد
الكاتب: أسامه عبد الماجد

10 ملاحظات .. مفاوضة حميدتي

بقلم: أسامه عبد الماجد

أولاً: يجب التأكيد على أن الحكومة غير رافضة للتفاوض، بدليل جلوسها في منبر جدة بعد نحو ثلاثة أسابيع فقط من الحرب، وجاءت الخطوة تطبيقا لواحدة من قواعد التفاوض (إجراء نوع من المباحثات التمهيدية بهدف تغيير اتجاهات الطرف الآخر، أو كسب تأييده، أو دفعه للقيام بسلوك معين، والاستفادة من ردة فعله).

كما قبلت الحكومة (6) مبادرات تدعو للسلم (السعودية الأمريكية، الإيقاد شريطة أن تكون بقيادة الرئيس الجنوبي لا الكيني، المصرية ودول الجوار، الجنوبية، التركية واليوغندية)، وفي ذات الوقت لم تلق بسلاحها وظل الجيش يقاتل بفدائية وشجاعة وقطع الطريق أمام قائد المليشيا الارهابية حميدتي من الاستيلاء على السلطة بالقوة.

ثانياً: لا يوجد ما يُقلق من التفاوض مع مليشيا حميدتي الإرهابية، لأن الحكومة حددت موقفها بشرط واحد فقط، وهو خروج عناصر المليشيا من منازل المواطنين، في مقابل وقف القوات المسلحة للقصف الجوي، الشرط الحكومي عصي التنفيذ على عصابات حميدتي لأنه يفقدها قوتها بالكامل، وهي ليست قوة بقدر ما هي خسة ودناءة من جانبها باستخدام المواطنين دروعا بشرية، وبالتالي تتهرب من منبر التفاوض وتسعى لتحقيق نصر عسكري باهر، وهذا ما يفسر هجومها المتكرر والانتحاري على (الثكنات) خاصة (المدرعات).

ثالثاً: لا تأثيرات سالبة للتفاوض، لجهة أن المليشيا فاقدة للرؤية ولا مشروع لها، كان قائدها الباغي الشقي نائبا بصلاحيات الرجل الأول، وأصبح ثريا في سنوات قلائل، ولم تتجاوزه أي تسوية سياسية بدءا من الوثيقة الدستورية؛ وبالتالي لايفهم من تمرده إلا برغبته القوية في الحصول على منصب الرئيس، ذات السيناريو الذي حدث في دولة الجنوب في ديسمبر 2013 عندما سعي النائب رياك مشار، لخلافة سلفاكير ميارديت عنوة؛ لذلك لا مجال لتفاوض المليشيا حول منصب الرئيس ولا حصة في السلطة لأنها ليست بجسم سياسي.

رابعاً: التخوف من التفاوض غير مبرر، لأنه حتى لو كان الباغي الشقي حميدتي حيا لن يحظى ولو بقليل من المكاسب التي نالها في السابق في حين غفله من تمدد في كافة المساحات والاتجاهات، كما أنه حال وافق الرئيس البرهان إعادة الأمور إلى ما قبل منتصف إبريل فإن الخطوة ستقابل بردة فعل عنيفه من جهتين، الشعب الذي نهبته المليشيا وشردته ودمرت منازله واغتصبت الحرائر منه، ومن الجيش الذي قد يغامر ضباط بالانقلاب على البرهان؛ لا سيما وأن محاولتين سابقتين نفذتا رفضا لوجود حميدتي وسيطرته، انقلاب اللواء بكراوي وقد نجح، ومحاولة رئيس الأركان الأسبق الفريق أول هاشم هاشم عبد المطلب.

خامساً: منبر التفاوض مسرح جديد لهزيمة المليشيا، لأنه سيكشف الأوضاع داخلها بدءا من حالة حميدتي حيَّاً، (ستنطلق دعوات لمحاسبة، ومحاولات لاغتياله وقد يتعرض لعقوبات دولية جراء عمليات الإبادة والتطهير العرقي التي قامت بها قواته بدليل فرض واشنطن عقوبات على شقيقة) أو هالك (وهذا يفتح باب واسعا للصراع بين أفراد المليشيا حول خلافته بين دقلو الذي يريد الاحتفاظ بباقي القوات وثرواتهم، وبين شقيقهم القوني الذي يركز على الأموال الطائلة فقط، وابن عمهم الوزير الأسبق عادل حامد دقلو الذي لم يحسم موقفه بعد و (عرمان المليشيا) يوسف عزت الذي يخطط لوراثة حميدتي ويصطدم بثلاثة صخور، ينتمي للحزب الشيوعي وإن زعم تخليه عنه، هو من خارج بيت آل دقلو لا علاقة له بالقوة المقاتلة.

سادساً: كانت المليشيا على ثقة تامة من نجاح مخططها الإجرامي في الاستيلاء على السلطة، لذلك لم تضع خطة (ب) مما جعلها تفشل في تحديد موقفها التفاوضي، وكذلك استعصى عليها تحديد نقاط الالتقاء والخلاف مع الحكومة لا الجيش -كما يصور البعض- لأنها تمردت على الدولة وأرادت الانقلاب على القوات المسلحة، وبالتالي ليس هناك ما يقلق من منبر جدة.

سابعاً: لا تحظى المليشيا بأي تأييد وسط الشعب السوداني، إلا من قلة سياسية (قحت) أصبحت هي الأخرى منبوذة؛ بالتالي لا تملك موقف تفاوضي قوي تنطلق منه، شرط الجيش قائم وهو الانسحاب من منازل المواطنين سواء في وجود حميدتي من عدمه، ومن ينفذ هذا الشرط ستجلس معه الحكومة، وهذا مايعقد موقف المليشيا داخليا، ولا علاقة لذلك مع من سيجلس البرهان لأنه لا يقوم بالتفاوض الذي يتم على مستويات أقل.

ثامناً: تبدو حالة من الارتباك والتعقيد في مفهوم التفاوض، بعد ثلاثة ساعات فقط من فشل مخطط المليشيا، خرج حميدتي وقال أن الحرب فرضت عليهم وأن الجيش هو من أطلق الرصاصة الأولى، وظهر عبد الرحيم وصىخ (بتحاربنا ليه يابرهان)، بعدها قالوا (نحن نقاتل في الفلول) وفي ذات الوقت نهبوا وسرقوا واغتصبوا دون تمييز بين (إسلاميين ومواطنين)، بعدها ذكروا أنهم يقاتلون من أجل الديموقراطية (أسرة واحدة)، والمدنية (جماعة حاملة للسلاح) بعدها قالت نقاتل ما أسمته بـ (دولة 56).

تاسعاً: من كروت القوة لدى الحكومة في التفاوض المطالبة بتعويض المواطنين، لأن المليشيا وهي تكذب بأن حربها ضد البرهان والكيزان ارتكبت جرائم ونهبت (شقى العمر) لمواطنين الخرطوم وقامت بعمليات تطهير عرقي للأهل في غرب دارفور، وستعجز المليشيا في الدفاع عن موقفها، ولو لم تحقق الحكومة مطلب المتضررين، ستواجه المليشيا الشعب مستقبلاً، لأن ما حدث لا يمكن العفو عنه، مع الاعتبار أن الملايين الذين غادروا الخرطوم سيصابوا بالصدمة عقب العودة إلى ديارهم التي خلت حتى من الأبواب و الشبابيك ومقاعد الحمامات..

عاشراً: قد تحاول المليشيا خلط الأوراق بالدعوة لزيادة عدد مقاعد المفاوضين لإدخال قحت، لتساعدها في تقوية موقفها، ولكن لا علاقة بين منبر هدفه وقف الحرب، ومنبر يبحث السلام والتوافق السياسي يشمل الجميع بما فيهم المؤتمر الوطني، وذلك لأن الإقصاء واحد من أسباب الأزمة السياسية.

ومهما يكن من أمر.. لا مستقبل للمليشيا وآل دقلو ولو قال البرهان والخارج ذلك.