د. محمد عثمان يكتب ”أمريكا ضد د. علي كرتي.. الاستقصاء”

أمريكا ضد د. علي كرتي..
حددت التهمة، كافأت المجرم وعاقبت الضحية "الاستقصاء"
بقلم د. محمد عثمان عوض الله
السبت 30سبتمبر 2023م
التهمة: كونه مسؤولاً عن، أو متواطئًا، أو شارك أو حاول الانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان.
التعليق: فعلا هذه تهم وجرائم خطيرة وكبيرة ولابد من معاقبة كل من يرتكبها.
وكخطوة عملية: ذهب رئيس مجلس السيادة، إلى خطوة عملية وأصدر قراراً بتشكيل لجنة مهنية مختصة، غير سياسية، يرأسها وكيل النيابة، مهمتها حصر أسماء وأفعال وحيثيات من تنطبق عليهم هذه التهم ويرتكبون هذه الجرائم.
حيثيات التهمة:
ولكن ما هي الأفعال التي هددت الأمن والاستقرار في السودان؟!
وكيف يتم تحديد الشخص المسؤول عنها؟!
الإتهام الأول: احتلال المنازل والأعيان المدنية بواسطة الدعم السريع (المصدر: شهادة جميع سكان ولاية الخرطوم، شهادة مراسلوا القنوات الفضائية)، لكن أكبر من ذلك، عدم الخروج من المنازل رغم الإقرار والموافقة عليه، ورغم التوقيع والإلتزام بالتنفيذ (المصدر مفاوضات جدة).
بل وأكبر من كل ذلك، هو جريمة قحت المركزي بتبرير عدم الخروج من المنازل، وإيجاد الغطاء السياسي والإعلامي لعدم الالتزام به رغم التوقيع وذلك عبر:
- القفز فوق نتائج اتفاق جدة واعتبارها وكأنها لم يتم التوقيع عليها.
- تشتيت الأذهان: بإدانة الطرفين المتقاتلين وكأن كلاهما يحتل المنازل.
- إدانة الضحايا المستنفرين الذين يدافعون عن أنفسهم، وكأنهم ملزمون بالاستسلام.
- رفع شعار "لا للحرب" قبل تنفيذ الالتزام الذي تم الاتفاق عليه في جدة، (ووقف الحرب قبل خروج الجنجويد من المنازل، يعني عمليا استمرار الجرائم وبقاء الجنجويد في المنازل تحت غطاء المفاوضات) أي مكافأة المجرم.
والأسوأ من كل ذلك، هو القفز فوق كل هذه الحيثيات، إلى المطالبة ببدء المفاوضات السياسية واستخدام منازل المواطنين ككروت ضغط في المفاوضات، لتقوية الموقف التفاوضي لقحت، تحويل مفهوم احتلال المنازل من مفهوم الجريمة إلى مسمى خادع هو مناطق السيطرة، بغرض تقوية الموقف التفاوضي لقحت المركزي وإضعاف موقف الحكومة باعتبارها لا تسيطر على الأرض.
بل وأسوأ من ذلك، هو احتجاج "قحت المركزي" على كل فعل وقرار يدين الدعم السريع المتمرد، حين أصدر البرهان قراراً بحل الدعم السريع، احتجوا عليه، وحين قدم البرهان طلباً للعالم، باعتبار الدعم السريع منظمة إرهابية احتجوا عليه، وحين أصدر البرهان قراراً، استجابة لمطلب الشعب بالاستنفار، للدفاع عن أنفسهم، ضد جرائم الدعم السريع، احتجوا عليه.
بل أسوأ من ذلك، اعتبروا الذين استجابوا لاستنفار القائد العام، مجرمين وإرهابيين، وهللوا لمعاقبتهم في شخص د. علي كرتي.
بل أسوأ من ذلك، أعاقوا الدولة والجيش من القيام بواجبه الدستوري والقانوني: بالمطالبة بحظر طيران على الخرطوم، والمطالبة باجتياح قوات دولية للخرطوم ببندقة أقوى من الجيش، وإدانة ضرب الجيش للأهداف العسكرية للمتمردين، داخل الأحياء السكنية.
بل أسوأ من كل ذلك، هو تحريض دول الجوار بالطواف عليهم: للطعن في الجيش، والطعن في البرهان، والطعن في شرعية الحكومة.
خلاصة الموقف الأمريكي:
أمريكا عددت جرائم الدعم السريع وأدانته عليها وأدانت قادته بقوة، ولكنها اتهمت الجيش بالتقصير، في عدم حماية المدنيين، من هجمات الدعم السريع وجرائمه، أي أنها تطلب من الجيش هزيمة الدعم السريع ومنعه من ارتكاب الجرائم ضد المواطنيين في الأحياء السكنية، وهذا موقف صحيح، يتطلب عدم إعاقة الجيش فيما طلت منه تنفيذه.
لكن الغريب؛ أن أمريكا لم تدين كل جرائم الجنجويد في الخرطوم (لماذا؟)، ولم تدين جرائم الإمارات العربية، بتسعيير الحرب في الخرطوم ومساعدة الجنجويد، ولم تدين متاجرة قحت المركزي بجرائم الجنجويد وابتزازها المواطنين بالمفاوضات السياسية مقابل منازلهم، لكنها رغم كل ذلك تركت كل ذلك وأدانت علي كرتي.
الخلاصة:
صحيح أن من حق أمريكا، والإمارات، وقحت أن تلعب سياسة، من أجل مصالحها، ولكن ليعلموا جميعا، أنهم في لعبتهم هذه،كافئوا المجرم وعاقبوا الضحية، وسقطوا جميعا في الامتحان الأخلاقي وامتحان القيم والمبادئ، فقدوا الشعب السوداني لأنهم عاقبوه وكافئوا جلاده.