رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار

تقرير : ”تقدم”،، الطريق إلى التشظِّي والانقسام

لم تخيِّب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية " تقدم" ظنَّ المراقبين بأن ينتهي بها الحال إلى التشظِّي والانقسام والتشرذم، عطفاً على واقع الحال الذي تعيشه التنسيقية التي تواجه إرادتها السياسية اختباراً عصيباً من التزعزع وفقدان التوزان، بين فصيل يسيل لعابه إلى كرسي السلطة ولو على جماجم المواطنين بالإصرار على تشكيل حكومة في مناطق سيطرة متمردي الدعم السريع، لتكون موازيةً للحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها، وبين فصيل آخر يدَّعي الوقوف في صفِّ الحياد ومناهضة الحرب، ورغم اختلاف الفصلين بشأن تشكيل الحكومة الموازية، تبقى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية " تقدم" في مرمى نيران الشعب السوداني، الذي استنكر أن تلوِّث " تقدم" يدها بمصافحة بيد ميليشيا الدعم السريع الملطخة بدماء المواطنين الأبرياء والعزل، وتُوقِّع معها اتفاقاً سياسياً في أديس أبابا في يناير من العام 2024م، اتفاقٌ أصبحت بموجبه "تقدم" ظهيراً سياسياً لميليشيا آل دقلو المتمردة.

أسُّ الخلافات:
"تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى"، هكذا يبدو الوضع داخل تنسيقية تقدم وقد أصبحت على شفا حفرة من الانقسام بعد اشتعال حرب البيانات، فقد أكد المتحدث الرسمي باسم التنسيقية بكري الجاك أنهم متمسكون برفض تشكيل حكومة منفى أو حكومة موازية، وأشار الجاك في بيان للتنسيقية اطلعت عليه "الكرامة" إلى قرار الآلية السياسية التي أُحيلت إليها قضية منازعة الشرعية وقضايا أخرى، والذي قضى بفك الارتباط بين الكيانات والأفراد الذين يصرون على المضي قدماً في تشكيل الحكومة، وبين الكيانات والأفراد المتمسكين بعدم تشكيل أي حكومة بصورة منفردة أو مع أي من أطراف القتال، وأبان الجاك أن الآلية السياسية توافقت في آخر اجتماع لها على تشكيل لجنة للتوصل إلى صيغة فك الارتباط بما يعظم المتفق عليه بين الطرفين، ليعمل كل منهما بصورة مستقلة سياسياً وتنظيمياً عن الآخر، مع كامل التقدير للخيارات المختلفة التي بنيت على حيثيات مفهومة لكل طرف، وزاد “إلا أن واقع الحال يقول بأن هذه الخيارات لا يمكن أن تتعايش داخل تحالف واحد رافض للحرب وغير منحاز لأي من أطرافها.

بيان ثائر للهادي:
ولم يجفِّ المداد الذي كُتب به بيان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية " تقدم"، حتى انبرى نائب رئيس التنسيقية الهادي إدريس ورفض في بيان له ما جاء في بيان تنسيقية تقدم الممهور باسم المتحدث الرسمي للتنسيقية بكري الجاك، ورفض إدريس بيان الجاك وقال إنه لا يعبر عن الموقف الرسمي للتنسيقية، كما لم يتم الاتفاق عليه من أي من هيئات التنسيقية المعتمدة، ولم يتم التوافق عليه داخل الأطر التنظيمية المعروفة، واصفاً تصريحات المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية " تقدم" بالمتسرعة، وعدها محاولة لخلق انقسام داخل التنسيقية، وهو أمر رفضه البيان بشدة، مبيناً أن تنسيقية " تقدم" تأسست على التوافق السياسي بين مؤسسيها، ووحدهم من يملكون حق تقرير مصيرها، وأردف قائلاً "لا يمكن لأي طرف منفرد أن يقرر مصير التنسيقية أو يصدر قرارات مصيرية دون موافقة الجميع"، وشدد نائب رئيس تنسيقية " تقدم" الهادي إدريس في بيانه، على رفض أي محاولات لفرض أمر واقع دون الرجوع إلى كافة الشركاء، والتصدي لذلك بكل حزم ومسؤولية.

الوقوع في المحظور:
وكان مراقبون تنبأوا بأن يقود المقترح الذي طرحته " الجبهة الثورية" لتشكيل حكومة في المنفى، إلى وقوع تنسيقية "تقدم" في المحظور عطفاً على حالة الهياج التي تعتمل في دواخل بعض قيادتها الذين فُطموا من ثدي السلطة عقب اندلاع الحرب وانحيازهم إلى ميليشيا الدعم السريع، على شاكلة الطاهر أبو بكر حجر، رئيس تجمع قوى تحرير السودان، والهادي إدريس رئيس حركة تحرير السودان " المجلس الانتقالي" رئيس الجبهة الثورية، واللذين كانا يشغلان عضوية مجلس السيادة الانتقالي، قبل أن يتم إعفاؤهما من المنصب السيادي الرفيع، ويتعرضا للعزل والإطاحة داخل حركتيهما مما أفقدهما بريق السلطة والهيبة، ليجدا ضالتهما في تشكيل حكومة المنفى بدعم وإسناد بعض أبناء دارفور داخل تنسيقية تقدم بقيادة محمد حسن التعايشي الذي كان هو الآخر قد تعرض للإقالة من عضوية المجلس الانتقالي عقب قرارات 25 أكتوبر 2021م والتي فكَّ بموجبها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الشراكة السياسية مع المكون المدني فيما عُرف بالإجراءات التصحيحية، واعتبره تحالف الحرية والتغيير – المجلس المركزي، انقلاباً عسكرياً.

نهاية " تقدم":
ويرى دكتور بحر إدريس أبو قردة رئيس تحالف سودان العدالة، أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" ومنذ وقوفها إلى جانب ميليشيا الدعم السريع المنقلبة على القوات المسلحة بإشعالها فتيل الحرب في السودان سقطت في نظر الشعب السوداني وفقدت قيمتها كمنظومة سياسية، وقال أبو قردة في إفادته للكرامة إنه قبل حدوث الخلاف الماثل حالياً بين فصائلها، كانت تقدم غير قادرة على مخاطبة الشعب السوداني في الخارج، مبيناً أن انقسام " تقدم" يأتي في ظل ظروف تحقق فيها القوات المسلحة والقوات المساندة لها انتصارات يطرب لها الشعب السوداني، حيث تبدو العاصمة الخرطوم قاب قوسين أو أدنى من التطهير الكلي من دنس المتمردين وأعوانهم، لتتوجه بعدها القوات المسلحة والقوات المساندة لها غرباً، منوهاً في هذا الصدد إلى الانتصارات التي ظل يحققها متحرك الصياد في محور كردفان، الذي دخل مدينة أم روابة ليفتح الطريق نحو دارفور، وأكد دكتور بحر إدريس أبو قردة رئيس تحالف سودان العدالة أن كل هذه المعطيات تدل على نهاية تقدم تماماً كمنظومة سياسية لم يتبقى منها إلا مجرد أصوات إعلامية، لن يكون لها أثر في الداخل السوداني أو حتى عند أصابع المجتمع الدولي التي كانت تستخدم تنسيقية " تقدم " وتحركها كقطع الشطرنج.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فإن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية " تقدم" ومنذ أن خالفت إرادة جماهير الشعب السوداني وانحازت لصالح ميليشيا الدعم السريع، أصبحت منبوذة، وتحمل جينات التباين في المواقف داخل الكيانات المكونة لها، لتأتي فزّاعة تشكيل الحكومة الموازية وتنفخ على نار الخلافات التي كانت تتحرك تحت وميض الرماد، وتكتب نهاية منطقية لتنسيقية " تقدم" الميتة أصلاً في وجدان من كان يدعمها من شباب الثورة وقواها الحية، وما بُني على باطل فهو باطل